الوسواس القهري
من الامراض التي اصبح ينتشر حاليا بين الناس، وقد نلاحظه في بعض الاحيان عند بعض الناس، وفي احيانا اخرى لا نلاحظه اطلاقا، ولكنه يكون يعيش في داخلهم ويسيطر على افكارهم، واحيانا تصرفاتهم، وفي بدايته قد لا يعني هذا المرض اي شيء، ولكن لاحقا يصبح مزعجا لهم بدرجة كبيرة، ومن الممكن ان يصبح ايضا مصدر ازعاج للمحيط حولهم، فما ينتج من افعال نتيجة هذا المرض وبحال التكرار لها لعدد يصبح من الصعب تعداده يصيب الاخرين وصاحبه بحد الملل ومن ثم الصخب، فما هو هذا المرض الذي يكون صامتا، ويكون صاخبا، ويحرك صاحبه كيفما يشاء، وقد يتحكم فيه، في هذا المقال سنبحث في تعريف هذا المرض، واسبابه، واعراضه، وبماذا يختلف عن غيره من الاعراض، وسبل علاجه.
تعريف الوسواس القهري
أو الاضطراب الوسواسي القهري( obsessive – compulsive) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهريّة. الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون، أحيانًا، واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها. لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر. وفي المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي، بالنسبة إليهم، إلزامية للتخفيف من الضائقة. وقد يتمحور اضطراب الوسواس القهري، في أحيان متقاربة، في موضوع معيّن، كالخوف من عدوى الجراثيم، مثلا. فبعض المصابين باضطراب الوسواس القهري، ولكي يشعروا بأنهم آمنون، يقومون، مثلا، بغسل أيديهم بشكل قهري، إلى درجة أنهم يسببون الجروح والندوب الجلدية لأنفسهم. وعلى الرغم من المحاولات والجهود المبذولة، إلا إن الأفكار المزعجة، الوسواسيّة – القهريّة، تتكرر وتواصل التسبب بالضيق والانزعاج. وقد يؤدي الأمر إلى تصرّفات تأخذ طابع المراسم والطقوس، تمثل حلقة قاسية ومؤلمة تميز اضطراب الوسواس القهري.
باختصار الوسواس هو الأفكار غير المرغوب فيها والتي تتكرر في ذهن الشخص وتجعله يشعر بالقلق الشديد.
أعراض الوسواس القهري
يعاني معظم الأشخاص المصابين بإضطراب الوسواس القهري (OCD) من أعراض وسواسية وقهرية على حد سواء، في حين يواجه بعضهم الآخر إحدى هاتين الحالتين فقط.
وتشمل الأعراض المرتبطة بالأفكار الوسواسية ما يلي :
o الخوف من الإتساخ أو التلوث أو نقل عدوى ما إلى الآخرين
o الخوف من التسبّب بالأذى لنفسك أو للآخرين.
o الإفراط في التركيز على الأفكار الدينية أو الأخلاقية.
o الخوف من فقدان الأشياء التي قد تحتاجها .
o الشعور بالضيق الشديد عندما لا تكون الأغراض مرتبة كما يجب أو موضوعة في المكان غير المناسب .
o الإيمان بالخرافات؛ والإهتمام المفرط بالأشياء التي تجلب الحظ الجيد أو السيئ على حد سواء.
أما أعراض التصرفات القهرية الأكثر شيوعاً فهي :
• الفحص المتكرر للأشياء، مثل الأبواب للتأكد من أنها مقفلة أو الأجهزة المنزلية للتأكد من أنها مطفأة.
• التحقق المتكرر من الأقرباء والأصدقاء للتأكد من انهم بصحة جيدة.
• العدّ والإحصاء وتكرار بعض الكلمات أو القيام بأشياء لا معنى لها لتخفيف الشعور بالتوتر.
إمضاء ساعات طويلة في الغسيل أو التنظيف.
• ترتيب الأغراض بطريقة معيّنة أي “كما يجب”.
• أداء الصلاة بشكل مفرط أو الانخراط في طقوس دينية نتيجة للخوف.
• الإحتفاظ بأشياء غير لازمة مثل صحف قديمة أو علب طعام فارغة.
أنواع الوساوس
التلوث Contamination:
وهو الأكثر شيوعًا في صور الوسواس القهري، وفيها تتسلط على المريض فكرة التلوث وعدم النظافة فيستجيب لها بكثرة وتكرار الغسيل، وكذلك تجنب مصادر التلوث (حسب اعتقاده)، فمثلاً تجده لا يمسك سماعة الهاتف إلا بالمنديل، ويبعد السماعة عن أذنه وفمه. مما يزعج المريض في هذا النوع هو أن مصادر التلوث هي جزء من حياتنا اليومية كدخول دورة المياه للتبرز أو التبول وكذلك الغبار والأتربة والجراثيم. وغالبًا ما يعتقد المريض أن التلوث ينتقل من مكان إلى آخر ومن الأشخاص إلى الآخرين، وهكذا… وعادة يشعر بالقلق الشديد والقرف. (تلاحظ بعض السيدات حينما تستضيف صديقتها فإنها لا تجلس في المكان المخصص لجلوس الآخرين، بل تجلس على أطراف الكنب أو المساند أو تكتفي بالوقوف أو تجلس بوضعية القرفصاء).
الشك Pathological Doubt:
من ضمن الأعراض أن يقوم المريض بتكرار بعض الأعمال مثلاً أن يعود للحمام عدة مرات لغسل يديه ظنًّا منه أنه لم يقُم بغسلها من قبل.
وهو الثاني من ناحية الشيوع مثلاً يشك المريض أنه أغلق أنبوبة الغاز فيعود مرات ومرات ليتأكد. عادة ما يرتبط هذا النوع بأفكار الخطر كإغلاق النوافذ قبل النوم وإغلاق أنبوبة الغاز والتأكد من بعد الخطر من أسلاك الكهرباء والتعامل معها بحذر أكثر من المطلوب عادة.
الأفكار الإقحامية أو التسلطية Intrusive Thoughts:
هو الثالث من ناحية الشيوع. وغالبًا تكون دون سلوك قهري، أي أنها أفكار فقط دون استجابة عملية. نوع مزعج جدًّا؛ لأن صورها غالبًا ما تكون صورًا أو أفكارًا جنسية أو غير أخلاقية مع الأقارب أو الأطفال أو مع الناس المقدسين كالأنبياء أو تكون على شكل رغبة عدوانية لإيذاء الآخرين. غالبًا يشعر المريض معها بالذنب وتأنيب الضمير ويصاحبها الشعور بالدونية والكآبة، وبالذات لو أصابت رجال الدين أو المتدينين عمومًا.
التناظر Symmetry:
الشعور بالحاجة لتناظر الأشياء ودقتها وترتيبها. فتجده يرتب مكتبه وأوراقه بدقة متناهية ولا يشعر بالراحة إلا بوجود التطابق التام في أطراف أوراقه. كذلك يجد صعوبة في القيام بالنشاطات اليومية كحلاقة ذقنه بشكل لا بد أن يكون متناظرًا تمامًا حسب ما يراه هو.
وسواس الأفكار الاجترارية:
هو الوقوع في شراك مجموعة من الأفكار متعلقة بموضوع معين بحيث لا يستطيع المريض التوقف عنها، وعادة ما يكون الموضوع نفسه من المواضيع التي لا معنى للتفكير فيها، مثل التفكير فيما حدث خلال اليوم من أقوال وأفعال من الشخص، وممن قابلهم وكأنما يسترجع الشخص الأحداث مهمة وغير مهمة ودون أن يستطيع التوقف عن ذلك…
وعادة ما يشك في ذاكرته ويحس أنه نسي، وما دام قد نسي فمن الممكن أن تكون أشياء خطيرة قد حدثت، وهكذا يحاول التذكر وإعادة التذكر، ثم يفند الأدلة على ما حدث وما لم يحدث، وهكذا…
وقد يكون موضوع الاجترار الوسواسي من المواضيع المحرمة شرعًا بالنسبة للشخص أن يخوض فيها مثل من خلق الله؟ أو كيف يستطيع الله أن يراقب كل هذا الكم من البشر إلى آخره.
اسباب الوسواس القهري
على الرغم من أن السبب الدقيق الذي يؤدي للإصابة بالوسواس القهري غير معروف حتى الان، إلا أن الأبحاث تظهر أنه من الممكن لهذا السبب أن يكون مقترنا بالعوامل البيولوجية والبيئية.
العوامل البيولوجية: يعتبر الدماغ عضوا ذا تركيبة ومبنى شديدي التعقيد. فهو يحتوي على مليارات الخلايا العصبية (Neurons) التي يتوجب عليها التواصل مع بعضها البعض والعمل سوية من أجل أن يعمل الجسم كما يجب. تتصل هذه الخلايا العصبية ببعضها بواسطة إشارات كهربائية. تساعد بعض المواد الكيميائية الخاصة، والتي يطلق عليها اسم الناقلات العصبية، على نقل الإشارات الكهربائية من خلية عصبية إلى أخرى.
كشفت هذه الأبحاث عن وجود صلة بين انخفاض مستويات أحد أنواع هذه الناقلات العصبية – واسمه سيروتونين (Serotonin)- والإصابة بمرض الوسواس القهري. كذلك هنالك إثباتات على أن نقص هذه الناقلات العصبية قد يكون أمرا وراثيا، وهو ما يرجح احتمال أن تكون الإصابة بهذا المرض أمرا وراثيا مولودا.
إضافة لهذا: تبين أن بعض الأجزاء في الدماغ تتأثر بنقص السيروتونين الذي يؤدي للإصابة بالوسواس القهري. ويبدو أن هذه المشكلة تتعلق بالقنوات الدماغية التي تربط المنطقة المسؤولة عن الحكم على الأمور والتخطيط، بالمنطقة التي تقوم بتصنيف و”غربلة” الأوامر الدماغية المتعلقة بتحريك أجزاء الجسم المختلفة.
كذلك، بينت الأبحاث وجود علاقة بين نوع معين من التلوثات – الذي تسببه الجرثومة المكورة العقدية (Streptococcus) – وبين الوسواس القهري. في حال لم يتم علاج هذا التلوث، فإن من شأنه أن يؤدي لإصابة المريض بالوسواس القهري، كما قد يسبب اضطرابات أخرى لدى الأطفال.
العوامل البيئية: هنالك العديد من عوامل الضغط البيئي التي يمكنها أن تسبب الإصابة بالوسواس القهري لدى الأشخاص ذوي الميل للإصابة بهذه المشكلة (المرض). كذلك، هنالك العديد من العوامل البيئية التي يمكنها مفاقمة الوضع القائم إلى الأسوأ. ومن بينها:
• التعرض للتعذيب.
• تغير الظروف الحياتية.
• المرض.
• موت أحد الأحباء.
• تغييرات أو مشاكل قد تواجه الشخص في العمل أو التعليم.
• القلق على العلاقة الزوجية
علاج الوسواس القهري
يعتبر علاج الوسواس القهري من العمليات المعقّدة وغير المضمونة النجاح في الكثير من الحالات. ومع ذلك، قد يكون علاج هذا الإضطراب مفيدًا في مساعدة المصاب على التعامل مع أعراضه ومحاربتها ومنعها من السيطرة على حياته اليومية.
هناك نوعان أساسيان متبعان في علاج الوسواس القهري وهما:
• العلاج النفسي
• العلاج بالأدوية
لكن غالباً ما يكون الدمج بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي ناجحاً جداً.
العلاج النفسي
لقد أظهرت الأبحاث العلمية ان العلاج النفسي المسمّى بـ”المعالجة المعرفية السلوكية” (Cognitive Behavioral Therapy) هي من أكثر العلاجات النفسية التي أثبتت فعاليتها في معالجة الإضطراب الوسواسي القهري عند الأطفال والبالغين معاً.
وينطوي هذا العلاج على التعرّض المتكرر لمصدر الوسواس. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص المصاب يقوم بغسل يديه بشكل قهري خوفاً من التقاط عدوى ما قد يُطلب منه لمس مقبض الباب في مرحاض عمومي ومنعه بالتالي من غسل يديه. فعندما يسيطر عليه القلق، تبدأ رغبته في غسل يديه تدريجياً بالزوال من تلقاء نفسها. وبهذه الطريقة، سوف يُدرك أنه ليس بحاجة للقيام بهذا السلوك القهري للتخلّص من قلقه وأن بإمكانه السيطرة قليلاً على أفكاره الوسواسية وتصرفاته القهرية.
العلاج بالأدوية
هناك بعض انواع الأدوية التي من شأنها مساعدة الأشخاص المصابين بالوسواس القهري في السيطرة على أفكارهم الوسواسية وسلوكياتهم القهرية. وغالباً ما تشمل هذه الأدوية مضادات الإكتئاب لأنها تعمل على رفع مستوى السيروتونين المنخفض لدى هؤلاء الأشخاص.
كما أثبتت الدراسات أنه يمكن للمريض مساعدة نفسه على تخطّي هذه المشكلة من خلال اتباع الخطوات التالية:
• القيام بتمارين الإسترخاء مثل اليوغا والتنفس العميق وتقنيات التخلّص من التوتر.
• اكتساب عادات غذائية صحية تتمثل بتناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية والأطعمة الغنية بالكربوهيدرات التي تثبّت مستوى السكر في الدم وترفع مستوى السيروتونين.
• ممارسة الرياضة بإنتظام.
• تجنّب التدخين.
• النوم لساعات كافية.
• التقرّب من الأهل والأصدقاء وطلب مساعدتهم.
القواعد الذهبية لعلاج الوسواس القهرى
والتي توصي بها الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس
تقول :يحتاج المريض فى المقام الأول إلى العلاج الدوائى والسلوكى مع العلاج الذاتى، وهو جزء رئيسى، للعلاج يقوم بتعليم المريض كيفية التعامل مع الأفكار الوسواسية والطقوس الحركية بشكل يومى، وذلك عن طريق خطوات ست تعرف بالخطوات الذهبية وهى.
1. أوقف الفكرة الوسواسية: إذا هاجمتك الفكرة الوسواسية أوقفها ولا تسترسل بالتفكير فيها لأن الاستمرار يؤدى إلى أفعال قهرية وحزن وضيق وأنصحك بالقيام من مكانك وعمل أى شىء يصرف تفكيرك عن ما يدور فى عقلك من أفكار ملحة كالحديث مع أحد أو القيام بعمل يستلزم التركيز به.
2. اعرف الفرق وأعد التسمية : وهى أن تتعلم التمييز بين الأفكار الوساوسية المستحوذة على تفكيرك والتى تضطرك إلى عمل أفعال قهرية، والأفكار الواقعية فمثلا فكرة خروج ريح بالصلاة مما يترتب عليه إعادة الصلاة قد تكون فكرة صحيحة إذا سمعت صوتا أو هناك رائحة صدرت عنك، ولكن إذا لم تتوافر لها هذان الشرطان فليس هناك داع لإعادة الصلاة، ففكرة أن صلاتى غير صحيحة تكون فكرة وسواسية. فالتفرقة بين الأفكار وإعادة تسميتها يعتبر الهدف الأول للعلاج لرفع إدراك الواعى بأن هذه الأفكار المتطفلة إنما هى أعراض الوسواس القهرى.
3. أعد التقييم: الإدراك العقلى بالأفكار الوسواسية يجعلك تردد كلما كلمة “هذه الفكرة هى مجرد وسواس”، كلما ألحت عليك الفكرة “هذا الإلحاح هو مجرد إلحاح قهرى” مما يزيد من مقاومة الأفكار وتتولد قوة المراقبة فى الداخلية والتى تعطى كل شخص القابلية لمعرفة الفرق بين ما هو حقيقى وما هو مرضى.
4. عرف المرض: علاج المرض يبدأ بمعرفته الوسواس القهرى مرض نفسى يتضمن خللا فى الاتصال بين الجزء الأمامى من المخ (المسئول عن الإحساس بالخوف والخطر) والعقد العصبية العميقة التى تتحكم فى قدرة المرء على البدء والتوقف عن الأفكار. اقول هذا لأن كثيرا من المرضى يرجع هذا إلى ضعف الإيمان ويصاحبهم شعور بوخذ الضمير خصوصا فى مرضى الوساوس الدينية.
5. واجهة نفسك بحزم: واجه الوساوس فى عقلك بطريقة حازمة، ابدأ بتسميتها بالأفكار المتطفلة ودرب نفسك للقول: “أنا أشعر أن يدى وسختين، إنما أعانى من وسواس أن يدى وسختين. “إذن لا داعى لغسيل اليدين لأن يدى نظيفتان وهذه أفكار متطفلة.
6. اقبل وجود الفكرة وعش معها: غالبا ما يرفض المريض وجود أى أفكار وسواسية فى حياته وخصوصا بعد ما يصل إلى مرحلة واضحة من التحسن فيحاول التخلص من الأفكار الملحة الباقية وهنا يفضل أن يقبل الأفكار الملحة ويتعايش معها مع التأكيد أنها أفكار وسواسية لا أكثر ولا أقل.
المراجع
http://ahmedfawy2011.yoo7.com/
https://www.webteb.com/mental-health/diseases
http://hayatouki.com/health
https://www.ts3a.com/