قد يجد الكثير من الآباء والأمهات حرجا في شرح وتقديم التوعية حول أمور الجنس والصحة الإنجابية لأولادهم وبناتهم، مع ذلك ينصح مربون ومرشدون بتثقيف الأطفال حول الصحة الإنجابية حتى قبل بلوغهم. فالطفل في تلك الفترة أكثر استعداداً لتقبل المعلومات ولتعلم القيم الأخلاقية والسلوكيات الصحيحة.
ينصح الدكتور ممدوح وهبة رئيس الجمعية المصرية لصحة الأسرة أن يبدأ الأهالي بتثقيف أطفالهم جنسيا في مرحلة الدراسة الابتدائية قبل بدء فترة البلوغ أو المراهقة والسبب هو: “بعد أن تصل البنت عمر التاسعة، والفتى العاشرة من العمر، أي مع بدأ مرحلة البلوغ، يمرون بمرحلة العصيان و رفض النصيحة والأوامر والسلطة، ويرفضون كل ما يهيمن عليهم عندما يبدءون بتكوين ذاتهم والاعتماد على أنفسهم”. لهذا يرى الدكتور وهبة أن السن الأمثل لتثقيفهم حول الصحة الإنجابية هو سن ما دون العاشرة لأن لديهم استعداديه لتقبل المعلومات وتعلم القيم الأخلاقية التي ستتحكم لاحقا بسلوكهم.
يرى وهبة أن التثقيف في المرحلة الابتدائية يكّون علاقة سليمة و يبدأ الحوار المتبادل والصداقة ما بين المربي والطفل أو الأم والطفل على أساس متساو وليس على أساس الأمر والنهي الذي قد يلجأ له الأهالي خلال مرحلة البلوغ. شانا فان زويب تربوية ( بيداغوجية) ومحاضرة في جامعة أمستردام من الخبراء في مجال التربية الجنسية للأطفال في هولندا. تقدم المشورة والدورات التدريبية في المدارس والحضانة التي تستقبل طلاب المرحلة الابتدائية بعد انتهاء الدوام المدرسي.
تقول فان زويب أن الأطفال الصغار مشغولون بطريقتهم الخاصة في اكتشاف مكوناتهم الجنسية، لهذا يجب ألا يتجنب الأهل أو المربين التربية الجنسية لأن كلما كبر الطفل كلما صعب مناقشة الموضوع معهم لحساسيتهم. تقصير الأهل والمدارسلكن ومن الناحية العملية فإن عملية تثقيف الطلاب حول الصحة الإنجابية لا زالت محدودة كما يرى الدكتور وهبه من مشاهداته في المجتمع المصري. أسباب التقصير متعددة أهمها: “حساسية الأهالي لهذه المواضيع التي لا زالت تعتبر من المحرمات (التابو) في مجتمعنا الشرقي. سبب آخر هو عدم معرفة الأهالي بمدخل وتفاصيل وتداعيات ما سيقولونه لأولادهم وكيف يقولونه”. في مصر تتضمن المناهج المدرسية درسا خاصا حول الجهاز التناسلي الخاص بالرجل للطلاب والجهاز التناسلي للمرأة للطالبات فقط. يرى دكتور وهبه إنه متأخر وأن المعلمين غالبا ما يكونون غير مسلحين بالمعلومات الكافية، يردف قائلا: “يُشرح هذا الدرس في الصف الثاني الإعدادي أي في سن الرابعة عشرة تقريبا. لكنه في كثير من الأحيان لا يُشرح للطالب لأن المعلمة أو المعلم لا يريد الخوض في موضوع لا يعلم عنه الكثير وربما يخشى تداعيات الدرس من الأسئلة التي تتولد لدى الطالب أو الطالبة”. القضية كما يراها دكتور وهبه ليست فقط إعطاء الدرس بل “الأسئلة التي تأتي ما بعد الدرس، المراهقون في تلك الفترة يتشوّقون لمعرفة ما يجري لهم من تغيرات ويغتنمون فرصة الحوار لطرح تساؤلاتهم وقلقهم وهواجسهم الكثيرة جدا في تلك الفترة. وإذا لم يكن المعلم مستعدا لمواجهة سيل من الاستفسارات قد يلجأ لإلغاء الدرس من أساسه”.
حيرة الأهل في هولندا ينصح موقع ارشاد الأهالي بعدم صرف اهتمامات وأسئلة الأطفال عن الجنس، حتى ولو كانوا صغار السن، وإجابة أسئلة مثل : من أين يأتي الأطفال، ولماذا لدى الولد عضو ذكري والبنت لا؟ الإجابة يجب أن تكون بسيطة وتتطور كلما كبر الطفل ازداد فضوله. لكن ماذا عن الأطفال الذين يتصرفون بشكل خاطئ أو يعبثون بأعضائهم الجنسية؟ النصيحة التي يقدمها الدكتور وهبه للآباء والأمهات الذين يشهدون فضول أبنائهم الصغار حول أعضائهم الجنسية أو تلك الخاصة بأشقائهم وشقيقاتهم هي “إياك وإعطاء معلومة خاطئة للطفل في هذا السن، في محاولة ترهيبه”. تتلقى الجمعية المصرية لصحة الأسرة عبر الخط الساخن الخاص بها تساؤلات من أمهات يخشين أن أطفالهن يمارسون العادة السرية. يقول دكتور وهبه: “هذه حالات شائعة ومحّيرة ونسمع عن حالات أطفال قد يكونوا محبطين نفسيا يمارسون العادة السرية لأنهم يجدون فيها سعادة و لذة حسية، وليس جنسية”. في هذه الحالات ينصح الدكتور وهبة بعدم استخدام العنف ضد الطفل مثل ضربه أو عقابه. “نسمع عن حالات الكي وهذا غلط كبير جدا. هنا يجب ابعاد انتباه الطفل لأشياء أخرى وتغيير تركيزه على جسده، ومحاولة التوصل لأسباب انزعاجه التي ربما قد تسببت في تحسسه أعضاءه”. في هولندا ينصح موقع الارشاد الجنسي الأهالي بعدم الذعر وخلط الأمور بسرعة. من المستحسن في تلك الحالات وضع حدود للطفل آخذين بعين الاعتبار أن الطفل الذي يلعب بقضيبه مثلا لا يدرك دور هذا العضو في الحياة الجنسية وانه اللعب لا يختلف كثيرا عن انتقاء المخاط من الأنف بالنسبة للطفل الصغير. النمو الجنسي للطفل كما يراه الخبراء هو جزء من تطوره ونموه الطبيعي. وتوفير المعلومات الصحيحة المبسّطة في وقت مبكر له فوائده في تهيئة الطفل للتغيرات الجسدية التي سيمر بها في مرحلة البلوغ. كما تشير الأبحاث في هولندا بأن تثقيف الطفل منذ صغره تزيد من ثقته بنفسه وتساهم في حمايته من الاستغلال الجنسي.
- المقال من موقع الحب ثقافة