مقالات تطوير الذات

أيهما أكثر إبداعًا الرجل أم المرأة في الادارة ؟

أقل من دقيقة للقراءة

قامت «ديفون براودفوت-Devon Proudfoot»، وهي طالبة دكتوراة في جامعة دووك بولاية كارولاينا الشمالية بأمريكا، وبصحبة اثنين من زملائها بالعديد من الدراسات حول التحيز النوعي بين الرجل والمرأة من حيث قدرتهما على الإبداع والإنتاج الفني، إحدى هذه الدراسات تركز على أن الفاصل الأكثر أهمية فى هذا الأمر يرجع إلى السمات الشخصية للأفراد، أي السمات العقلية والنفسية، لما لها من أهمية بالغة في ضبط القدرة الإبداعية والفنية للأفراد، وأظهرت النتائج البحثية لهذه الدراسة أن فكرة الإبداع تتعلق بدرجة كبيرة بالدور التنميطي الذى يلعبه المجتمع من خلال النظرة النوعية للرجل والمرأة حول القدرات الفنية والإبداعية السائدة لدى الطرفين، وطبقًا لهذه الدراسة فإنها ترى أن القدرة على الإستقلالية والجرأة، والقدرة على اكتشاف المبهم من الأمور هي صفات ذكورية أكثر من كونها صفات أنثوية عند المقارنة بين السمات العقلية والنفسية بين الذكور والإناث.
وطبقًا للدراسة التى أجرتها جامعة هارفرد بالقسم الخاص بالرؤى النقدية لتطوير الأعمال والمؤسسات الربحية، ونشرت على موقع مجلة الجامعة المسماة بِـ«Harvard Business Review»، والتي طُبقت على عينة من المدراء الذكور والإناث والتى تشكلت من 134 حالة، تبين منها أن المدراء المطوِّرين والأكثر إبداعًا كانت الغلبة الذكورية طاغية على الأنثوية حول هذه المفاضلة، ومن النتائج التى أيدت هذا التقييم وجود أن أكثر من حصلوا على مكافآت على العمل والإنتاج هم من الرجال وليس من النساء.
والدراسة التى نحن بصدد الحديث عنها هنا كان هدفها الأساسي توضيح الفجوة النوعية بين الرجال والنساء اللذين يترأسون لشركات ومؤسسات كبرى، من حيث أيهما لديه من القدرات الإبداعية والفنية أكثر من الآخر؟ وهذا ما أوضحته الدراسة حيث أنها أكدت على أن الرجال أكثر تفوقًا وأكثر إبداعًا فى أعمالهم من النساء .
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل التحيز ضد المرأة من الأسباب الرئيسية التى تؤثرعلى تحكيم إبداعها؟ خاصة أنه عندما طُلب من أحد الأفراد تقييم أعمال تتعلق بتصميمات معمارية كان تحيزه للجانب الذكوري في العمل على حساب الجانب الأنثوي، وعقبت ديفون براودفوت بأن معظم الناس متفقة على أن الضابط الأول للعملية الإبداعية هو الجينات الوراثية وليس الصفات الذكورية والأنثوية، فوضعت هذه الحقائق في الاعتبار وكانت التقييمات النوعية بين الفئتين- الذكورية والأنثوية- تتصف بالحيادية والشفافية، وتجعل التصميم المعماري أكثر وضوحًا عند تقييمه بدون الدخول فى التحيزات الذكورية والأنثوية أثناء التقييم.
هناك مفارقة أخرى تلعب دورًا جوهريًا حول قضية الإبداع لدى الرجل والمرأة، ألا وهو عامل التنشئة الاجتماعية، حيث أكدت نتائج الدراسات التى أجريت على عينات من الذكور والإناث لمعرفة أثر التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الجنسين في تطوير مثل هذه القدرات، حيث أن الإناث يفتقدن إلى استقلالية التفكير وأصالته، ويفتقدن إلى مسرح تجريبي في طفولتهن يسمح لهن بمساحات أكبر من الاحتكاك والمحاولة بسبب التمييز المجتمعي، فالذكور يتدربون على الاستقلال منذ الصغر، كما أن الآباء يشجعون السلوك الاستقلالي لديهم فينجزون ويتفوقون في المجال العقلي بشكل أكبر من الإناث اللواتي تترسخ لديهن الحاجة إلى الاعتماد على الغير بدل من الحاجة إلى الاستقلال، كما أن الوالدان لا يشجعون السلوك الاستقلالي للفتاة لأنه يتطلب منها صفات مرفوضة بالنسبة لدورها الاجتماعي كأنثى، وهذا ما ينعكس على قدراتها العقلية ويحول دون تنمية الصفات اللازمة للإبداع.
كما أن خوف الأنثى من أن تخسر الإحساس بالأمان الذي يقدمه لها المجتمع إذا ما خرجت عن النمط التقليدي والاجتماعي المرسوم لها يُضعف السلوك الإنجازي لديها، فالإنجاز يتطلب شيئاً من المنافسة، والمنافسة يصنفها المجتمع على أنها شكل من أشكال العدوانية التي لا تتناسب مع الشكل الجسماني للفتاة، ولهذا قد تشعر الأنثى بالرفض الاجتماعي لها بسبب خروجها عن الدور الأنثوي التقليدي الذي تنتمي إليه.
لماذا من المهم أن نهتم بالفروق النوعية بين الرجال والنساء فى الجانب الإبداعي؟
تكمن الإجابة على هذا السؤال فى الدراسة المَسْحِيّة التى أجريت على 1500 فرد من المدراء التنفيذيين لشركات ومؤسسات كبرى «A chief executive officer-CEOs»، والتي اتضح منها أهمية الجانب الإبداعى لتطوير الشركات والمؤسسات في المستقبل، ومن هنا جاءت أهمية الاهتمام بالموضوع وبدراسة العوامل النفسية والاجتماعية التى تسببت فى عدم وصول المرأة إلى القمة فى الأعمال الريادية بصورة ملحوظة! أكد الاستطلاع الذى تم أجراؤه على عينة من العاملين أن بروز النزعة القيادية لدى الرجل هي التى كبحت جماح المرأة فى الوصول إلى القمة، بالإضافة إلى تمتع الرجل بالكفاءة والذكاء المكتسب، والقدرة على العمل المتواصل لفترات طويلة من أسباب عدم وجود المرأة فى قمة الهرم الإبداعي.
ولكي نتمكن من ربط كل هذه الإعتبارات ببعضها ووضعها فى مقام واحد، يتوجب علينا أن نضع فى الاعتبار طبيعة المجتمع التي طُبقت عليه الدراسة، حيث أن المجتمع الأمريكي من المجتمعات التي تميل إلى العمل الفردي والإنجاز الفردي، وربما لو طبقت الدراسة على مجتمعات مختلفة فى ثقافاتها مع المجتمع الأمريكي لكانت النتائج متعاكسة أو أكثر وضوحًا.
والحلول المقترحة لمعالجة هذا الأمر لا تكمن فى عدم وضع المرأة فى مناصب عليا أو أدوار قيادية، بل ضرورة العمل على تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة على أن هناك فروقًا عقلية بينها وبين الرجل وبالتالى فروقًا إبداعية، مع ضرورة وضع أسس لعملية التنشئة الاجتماعية «Socialization» يتساوى فيها الذكر والأنثى فى المساحات الممنوحة لكلاهما لتنمية القدرات وتطوير الذات بصورة أوفر لكلا الطرفين بالتساوي.

وتأتي خلاصة هذا البحث في أن:
1- المرأة تلعب دورًا هامًا فى بناء المجتمعات، إلا أن الفطرة الذكورية فى مجتمعاتنا هي التي لعبت دورًا كبيرًا فى كبح جماح الطموحات الأنثوية، وأن المرأة بإمكانها التربع على هرم الإبداع والريادة إذا عملت التنشئة الاجتماعية على إتاحة الفرصة لها من البداية، وعدم تلقين أفراد الأسرة بأن الأصول المجتمعية والأعراف الثقافية هي الضابط الأول فى تربية الأنثي.
2. الإبداع الحقيقي ليس له هوية جنسية، ولا يمكن الحديث عن إبداع ذكري وإبداع أنثوي، لأن العمل الحقيقي يفرض قيمته بما فيه من ميزات تتطابق مع معايير الإبداع ولا يفرض قيمته على أساس الجنس.

المصادر:
http://www.egyres.com/articles/%D8%A3%D9%8A%D9%87%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8B%D8%A7-%D9%83%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *