مقالات تطوير الذات

بحث عن علم الإرشاد النفسي

أقل من دقيقة للقراءة

مقدمة البحث

في مقدمة هذا البحث نتمنى من الله أن يوفقنا في الأسلوب العلمي و الناحية الفنية أيضا لهذا البحث.

يتناول و يختص هذا البحث الحديث عن علم الإرشاد النفسي و ما يتعلق به من معلومات خاصة عنه ليستفيد منه كل من يجد شغفه بهذا العلم أو يهتم به بشكل أو بآخر فهناك من قد يجد حاجته إلى معرفة هذا النعلم و الخوض فيه سواء لرغبته في أن يكون إستشاري نفسي أو لحل مشكلة ما في حياته. لذلك علينا التعرف علي هذا العلم.

ما هو علم الإرشاد النفسي؟

علم الإرشاد النفسي هو أحد فروع علم النفس التطبيقي الذي يهتم بوصوله بالشخص إلى حالة من الصحة النفسية و التوافق الشخصي و الإجتماعي. فإن الإرشاد النفسي هو أحد الوسائل المساعدة للأفراد على رفع درجة الصحة النفسية لديهم و بالتالي الحصول على جوهرها و هو السعادة الذي يتمناها كل إنسان أن يصل إليها لأنه يفتقد وجود تلك السعادة بحياته  من وجهة نظره.

إن مصطلح إرشاد أي Counseling باللغة الانجليزية و الفعل منه يرشد أي to counsel مشتق من الكلمة اللاتينية Consilium  أي أن نكون معا أو أن نتكلم معا لذلك هو يتضمن معنى التبادلية و هذا يؤكد على ضرورة وجود تفاعل متبادل.

فإن الإرشاد النفسي هو عملية منظمة بناءة مخطط لها تعتمد على علاقة تفاعل و ثقة بين طرفين. الطرف الأول فيها هو المرشد الذي بدوره يجب أن يكون مؤهل علميا و فنيا ليقوم بتلك العملية حيث أنها عملية تواصل بين وبين الطرف الثاني فيها و هو المسترشد أي صاحب المشكلة. فهذا المسترشد لدية صعوبة نفسية و بالتالي  فهو يحتاج إلى المساعدة لكي يستطيع أن يتغلب علي ما يشعر به نفسيا من آلام بسبب تلك المشكلة التي لديه. فهو يريد أن يحصل على إتزانه النفسي. و لذلك دور تلك العملية أي العلاقة بين المرشد و المسترشد هو تقديم المساعدة للمسترشد لكي يصل أولا إلى نفسه و ذاته ليكتشفها و يفهمها و من ثم القدرة على حل مشكلاته بعد أن يعرف نفسه جيدا.

لكي تتم تلك العلاقة و ذلك الإرشاد النفسي بنجاح يجب أن يتوافر في المرشد النفسي شروط شخصية و علمية و فنية معينة فهو عليه أن يكون ماهرا في المعارف و المهارات النفسية بالإضافة إلى علمه و تخصصه بهذا المجال حتى يصبح مؤهلا  جيدا للتعامل مع المسترشد و إدارة جلسة الإرشاد النفسي جيدا بشكل علمي و مدروس على أرض الواقع أيضا حيث أنه في الأغلب يعمل وحده مع المسترشد في عملية الإرشاد. أما المسترشد كما ذكرنا هو شخص يعاني من مشكلة نفسية تقع في فئة المشكلات التي يتصدى لها المرشد و لا تحتاج إلى الطب النفسي.

و من هنا علينا معرفة المفاهيم المتداخلة مع الإرشاد النفسي والفرق بينه و بين العلاج النفسي أيضا.

ما هي المفاهيم المتداخلة مع الإرشاد النفسي و الفوارق بينهما؟

هناك بعض المفاهيم المتداخلة مع الإرشاد النفسي حيث أنها متشابه جدا معه بل هناك أيضا بعض الفروق بينها.

المفهوم الأول:

هناك مفهوم التوجيه فهذا المفهوم هو أشمل و أعم من الإرشاد حيث أن التوجيه يتضمن داخله التعليم و الإرشاد معا. فإن التوجيه هو مجموعة خدمات تربوية و نفسية و مهنية تقدم للفرد لتمكينه التخطيط لمستقبله وفقا لإمكانياته و قدراته العقلية
و الجسمية بأسلوب يشيع إحتياجاته. أما الإرشاد فهو العملية الرئيسية في التوجيه و يعد الجزء العملي في ميدان التوجيه أي هو الجزء التنفيذي.

المفهوم الثاني:

هناك أيضا ما يسمى بالنصح الأكاديمي. إن صاحب النصيحة عليه أن يكون لديه الخبرة المطلوبة أو الحكمة و القدرة على النصح. كما أن الأخذ بالنصيحة هو شئ إختياري حيث يستطيع الطرف الآخر قبول أو رفض تلك النصيحة أي له الحق في العمل بها أو لا. أما الإرشاد النفسي يتطلب مساعدة المسترشد على تنمية مهاراته اللازمة لحل مشكلاته بنفسه و سد الخلل الذي طرأ عليه كما أن الإرشاد لا يقدم حلولا بل يقدم الكيفية على عكس النصيحة فهي مجرد إقتراح أو حل و ربما لا يعلم صاحب النصيحة بالكيفية لتنفيذ ذلك الحل.

المفهوم الثالث:

هو مفهوم العلاج النفسي الذي قد يتشابه كثيرا في ظاهره مع الإرشاد النفسي إلا أن هناك بعض الفروق أهمها أن المرشد لا يستطيع أن يعالج المريض النفسي وحده بل يستطيع أن يكون جزء من العلاج له بالإضافة إلى الطبيب النفسي الذي يقر بحالته بشكل كامل و ليس المرشد. لذلك طبيعة المشكلة هي التي تحدد اذا كان الأمر يتعلق بالعلاج النفسي أم الإرشاد النفسي أم الإثنين معا حيث أنه يعتمد علي درجة الإضطراب النفسي و شدته.

فاذا وصل الأمر إلى المرض النفسي و عجز صاحبه تماما عن التصرف بالشكل الصحيح  حيث أن المريض النفسي يعاني من إضطرابات انفعالية و ليس مجرد مشكلة هي في حقيقة الأمر لشخص سوي و لكنه لا يستطيع كيف يتعامل معها فهذا يتطلب العلاج النفسي أكثر لأنه يعتمد بشكل كبير علي مراجعة العيادة النفسية و من ثم تحديد العلاج المناسب بالأدوية و ليس مجرد جلسات استشارية للإرشاد النفسي فحسب.

يوجد أيضا فرق واضح بين العلاج النفسي و الإرشاد النفسي هو أنه يغلب على العلاج النفسي أسلوب المساندة بشكل كامل  فيعيد البناء النفسي أي أن المريض النفسي قد لا يستطيع أن يساعد نفسه و العلاج هو المتحكم فيه بشكل أكبر أما في الإرشاد النفسي يتعامل المرشد النفسي مع العقل واعي المدرك لدى المسترشد و مع ماضيه ليجعله يضع يده بنفسه على مصدر المشكلة فيخطط لنفسه من جديد ليعيش حياة متوازنة بعد أن يتخطى مشاكله.

ما هي أهداف الإرشاد النفسي؟

يهدف الإرشاد النفسي إلى ما يلي:

1-  تحسين فهم الفرد لذاته و إكتشافه لنفسه و بالتالي يكتشف قدراته و إمكانياته و كيفية إستغلالها أو إستخدامها الاستخدام الأمثل أي الأنسب له طبقا لشخصه و ما يتوافق معه و الوصول بذاته إلى ما يجقق بها سعادته و راحته النفسية مع تحقيق مصالحه الشخصية و الأسرية و المهنية أيضا.

2- العمل على فهم شخصية المسترشد من قبل المرشد و بالتالي يستطيع مساعدة الفرد على تنظيم الأفكار بداخله و من ثم تعزيز إدراكه لنقاط قوته و ضعفه و بالتالي اكتشاف مشكلته و الإعتراف بها أيضا للعمل عليها. لذلك إن المرشد عليه عامل كبير في بداية الأمر ليكتشف شخصية المسترشد.

3- تهدف عملية الإرشاد النفسي إلى توفير مناخ الثقة و السرية التامة بين المرشد و المسترشد لكي يشعر ذلك المسترشد بالآمان و الارتياح  ليكشف عن ما في نفسه و بداخله من مشاعر و خاصة السلبية منها و التي يصعب عليه التعبير عنها أمام الآخرين و قد يكون أصعب لدى بعض الأفراد أن يكشف عن ما بداخله أمام شخص غريب عنه أيضا و ليس فقط من يعرفونه.

4- تحديد  و جمع المعلومات عن حقيقة الأمور كاملة لدى المسترشد كما هي بالإضافة إلى توضيح ما قد يحدث من عواقب أثناء محاولة حل مشكلة المسترشد ليكون مستعد لكل ردود الأفعال الناتجة ليتعامل معها بالمثابرة المطلوبة و ذلك من أجل الوقابة حتى لا تتفاخم الأمور أو تتحول المشكلة القائمة إلى مشكلة مزمنة قد يصعب حلها فيما بعد.

5- تهدف عملية الإرشاد النفسي إلى تقدبم المساعدة بشكل واضح للمسترشد حتى يصل به إلى حل مشكلته حيث أن المرشد لا يقدم حلول و بالتالي يتحقق ذلك الهدف عن طريق الحوار. مع العلم أن هذا الحوار لا يتضمن إكراه المسترشد أو الفرض عليه أي نوع من أنواع القناعات أو  توجيه ما قد لا يريده المسترشد أي أن المرشد لا يملي عليه اتخاذ قرار محدد بل يساعده فقط على اتخاذ القرار الذي يعود إلى رغبة المسترشد و إرادته هو

6- أثناء عملية الإرشاد النفسي و هذا الحوار على المرشد أن ينظر دائما إلى المسترشد نظرة طبيعية حيادية. فالمسترشد هو إنسان سوي و لكن لديه بعض المشاكل التي يريد فيها مساعدة خارجية و قد يكمن هذه المشاكل في سلوك ما و علي عملية الإشاد النفسي هو مساعدة صاحب السلوك علي تعديله من خلال التغيير في الطريق الصحيح.

من هنا يتضح لنا الحاجة إلى الإرشاد النفسي و هو أساسه إحداث تغيير في حياة الأفراد.و لكن قبل معرفة أسباب ظهوره فلنتحدث عن تاريخه أولا.

لمحة عن تاريخ علم الإرشاد النفسي

إن الإرشاد النفسي هو علم حديث ظهر أولا و نشأ بالولايات المتحدة الأمريكية ثم بدأ في الإنتشار و التوسع في أقطار كثيرة من العلم و منها الأقطار العربية  أيضا حيث سرعان ما  انتشر الاهتمام بهذا المجال كثيرا.و خاصة بالجامعات كما بدأ الازدباد في عدد العاملين المؤهلين بهذا العلم الذين يتخذونه مهنة لهم أي لم ينحصر في جزئية المسترشد و الاحتياج للجلسة الاستشارية فحسب بل زادت الرغبة بالالتحاق بهذا المجال كاستشاري و مرشد نفسي أيضا.

كما نشهد انتشار جمعيات الإرشاد النفسي و تعدد المجالات العلمية المتخصصة بنشر البحوث المتعلقة بهذا المجال.

و من هنا نتناول الحديث عن بعض العوامل التي قد تدخلت في نشوء و ظهور هذا العلم و وجود هذه المهنة بكثرة و هذه العوامل كثيرة منها ما يلي:

1- زيادة الاهتمام بالإنسان و لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية و انتشار حركة التوجيه المهني في الأربعينات و حركات الصحة النفسية و التطور في انجازات القياس النفسي.

2- ظهور المشكلات التي نتجت عن الأزمات الاقتصادية و النزوع في العالم إلى العلم و طرائقه و إنجازاته و بالتالي الاهتمام بأساليب وقاية الانسان من الانحراف و العناية بجوانب الأحداث و الإدمان و ذلك إلى جانب التطور الواسع التي مرت به الدراسات النفسية.

و من هنا قد نكتشف أن هناك أيضا أسباب أخرى قد أدت إلى ظهور الحاجة بشكل أكبر للإرشاد النفسي نتيجة ذلك التطور الواسع في الدراسات النفسية علينا التعرف عليها.

ما هي أسباب ظهور الحاجة إلى علم الإرشاد النفسي ؟

بالعصر الحالي أصبحت ضغوط الحياة كثيرة مما تسسب ذلك في ضغوط نفسية شديدة يتعرض لها الانسان لأسباب مادية أو اجتماعية أو أسرية أو معنوية أيضا فبالتالي زاد الاحتياج للإرشاد النقسي للتخلص من كل هذه الضغوط.

 قد نجد ما يلي من النقاط يؤكد علي الحاجة الزائدة للإرشاد النفسي:

1- الفترة الانتقالية في حياة الفرد:

و هي الفترات الحرجة مثل فترة دخول المدرسة – الانفصال عن الأم – من الطفولة للمراهقة – من الجامعة للعمل – الزواج – التغيرات الأسرية –  التغير الاجتماعي الذي يتطلب تغيير السلوك ليتوافق مع المعايير الاجتماعية الجديدة. فكل هذا قد يتطلب من الفرد الاستعداد لهذه الفترات نفسيا و ماديا و قد يتسبب في ضغوط نفسية قد لا يعرف الفرد كيف يتعامل معها فيلجأ إلى الإرشاد النفسي ليساعده علي تعديل سلوكه و ردود أفعاله تجاه كل هذه التغيرات الطارئة عليه بطبيعة الحال.

2- من أهم التغيرات الاجتماعية التي تطلب تعديل السلوك:

تغير مظاهر السلوك أي ما كان مقبولا في السابق أصبح مرفوضا في وقت لاحق وما كان مرفوضا أصبح مقبولا. و هناك إدراك أهمية التعليم و الطموح للارتفاع إجتماعيا و إقتصاديا بالإضافة إلى التوسع في تعليم المرأة و خروجها إلى العمل. و أهم ما يصعب على الانسان مواجهته أو التعامل معه هو اختلاف الأجيال و الفوارق بينها مما يحدث صراعا في التعامل مع الاخلاف أيضا في الثقافة و الفكر و خاصة بين الكبار و الشباب.

3- التقدم العلمي السريع:

من أهمها تلك الاختراعات الجديدة لمواكبة التكنواوجيا السريعة فهناك العدبد من الأفراد لا يستطيعون مواكبة هذا التغيير السريع مما يؤدي إلى تغيير الاتجاهات و القيم و أسلوب الحياة بشكل عام و كلي.

4- تطور التعليم و مفاهيمه:

مع إختلاف أعداد طالبين العلم و البحوث التربوية و إختلاف أساليب التعليم و مناهجه و أنشطته التي أصبحت جزء أساسي في التعليم

كل هذه العوامل تؤدي إلي وجود عصر كبير من القلق و التوتر الدائم بسبب ضغوط الحياة مما يؤكد ضرورة وجود علم الإرشاد النفسي لكل الأفراد.

ملخص البحث و الختام

نتيجة لكل ما تم ذكره و تناوله في هذا البحث نجد أن علم الإرشاد النفسي يعد من أهم العلوم في حياتنا و يندرج تحته أنواعه المختلفة مثل الإرشاد الزواجي و الإرشاد الأسري و الإرشاد التربوي و الإرشاد الخاص  بالأطفال و غيره من أنواع الإرشاد الخاص بالأفراد أولا و من ثم هناك ما يختص بكل من حولهم أيضا من مجتمعات سواء علي المستوى الشخصي أي محيط الأسره أو المستوى العملي و المجتمع الخارجي ككل.

فالاستشاري النفسي أو المرشد هو من يلجأ إليه الفرد ليتعلم كيفية التعامل مع نفسه و اكتشافها و من ثم التعامل مع كل ما سبق من تحدبات و الآخرين من حوله. و لا ننسى أن الاستشاري لا يقدم حلولا بل يقدم المساعدة للفرد علي فهم نفسه و الاستبصار بكل ما بداخله من قوة و ضعف فينير له طريق الحل الذي يبحث عنه المسترشد أي صاحب المشكلة ليسد به أي خلل قد ينتج مما يعاني منه الأفراد من مشاكل و ضغوط الحياة كما أن عملية الإرشاد النفسي قد تكون فردية أي لفرد واحد أو مجموعة من الأفراد أيضا من ثلاث إلى سبعة أشخاص بالجلسة و هذا يسمى بالجلسة الجماعية.

و تكون نتيجة ذلك التفاعل البناء بين المرشد و المسترشد هو حياة متزنة صحية للفرد و لكل من حوله أيضا.

و ختاما نرجو بهذا البحث إفادة كل من يهتم بهذا المجال سواء كاستشاري نفسي أو كمسترشد يطلب و يسعى إلى التغيير الحقيقي و أن يسعوا العاملين بهذا المجال إلى المزيد من البحوث العلمية في اتجاه هذا العلم من الإرشاد بمختلف جوانبه مع الالتزام بأخلاق المهنة و الأهداف العلمية و الانسانية.

القائمين علي العمل بهذا البحث:

سالي سعيد أحمد البيك

فاطمة محمد محمد البيك

يسرا صفوت

هبة الوزيري

مع أرق تمنياتنا لدورة الاستشارات النفسية و الأسرية القائمة تحت إدارة Couch Ibrahim Khattab مع قريق العمل أيضا بالتقدم و النجاح المستمر… جزاكم الله عنا خير الجزاء


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *