مقالات تطوير الذات

قوة البلاسيبو

أقل من دقيقة للقراءة


يشرح لنا إريك فانس العلم وراء القوى الإصلاحية للعقل في كتابه الجديد، “القابلية للإيحاء”

في كتابه الجديد القابلية للإيحاء: العلم العجيب وراء قدرة مخك على الخداع، والتغيير، والعلاج (Suggestible You: The Curious Science of Your Brain’s Ability to deceive, Transform, and Heal)[1]، يسعى إريك ڤانس، الكاتب العلمي والمساهم بمجلة Scientific American، لتفسير إحدى القوى الرائعة للمخ: قدرته على علاج كلًا من العقل والجسد. فيستكشف ڤانس الأثر العميق لأفكارنا، مشاعرنا، وتوقعاتنا، على سعادتنا – كيف تؤثر نظرتنا الإيجابية لأنفسنا، على سبيل المثال، على تخفيف الألم الجسدي. مازالت الطرق التي يتصل بها العقل بالجسد غامضة، إلا أن عقودًا من البحث قد دلتنا على بعض الروابط المذهلة. وسوف يحدثنا ڤانس (مع Scientific American MIND) حول تحقيقه عن تأثير البلاسيبو.

ما الذي دفعك للكتابة حول تأثير البلاسيبو؟

يُعد ذلك الموضوع شغف لي منذ أن كتبت البيانات الشخصية لتور وايجر (Tor Wager)، أحد الباحثين في ذلك المجال، عام 2010. فقد ترعرعت وسط العلم المسيحي (Christian Science)، وقد كان أحد معتنقي ذلك المعتقد[2]. وقد كان الأمر كما لو كان بعض الكاثوليك يدرسون كيمياء الدماغ حول الشعور بالذنب، مما كان مناسبًا للغاية. كما يعود جزء كبير من اهتمامي للأشياء التي رأيتها في طفولتي ولم أجد لها تفسير. فقد عولج أبي [دينيًا] من إصابة بشعة بالكُفَّةٌ المُدَوَّرَة[3]، والتي أجبرته على ترك رياضة البيسبول. وصديق بالكنيسة قطع أصبع قدمه ورآه يكبر مجددًا، متضمنًا ظفر الأصبع. تكمن قوة تلك الأحداث في قدرتها على خلق توقعات في أذهان أعضاء المجتمع، فهو أمر ذات صدى في المجتمعات المتدينة. ومن هنا جذبني الموضوع، حيث كان رد فعلي: “يا إلهي، قد يكون بإمكان العلماء تفسير كل تلك الأشياء!”.

ماذا نعرف الآن عن تأثير البلاسيبو من خلال علم الأعصاب (Neuroscience)؟

شاركت في تجربة بلاسيبو حيث كنت أُصعق كهربائيًا. تمكن الباحثون من منع ألمي من خلال فقط إظهار ضوء أخضر لي قبل توصيل الصعقة، وقد خُدعت تمامًا. جذبت تلك التجربة اهتمامي بشكل كبير، فقد علمتني أن الأمر ليس بكونك ساذجًا أو غبيًا: ولكنه عن طريق كيمياء المخ. المواد الأفيونية، الدوبامين، الإندوكانابينويدس (Endocannabinoids)، والسيروتونين (Serotonin)… هناك في الأغلب نحو 30 [ناقلًا عصبيًا وهرمونًا] في ذلك التأثير. وكل مدى يعثر العلماء على واحد جديد.

إلا أنه لحسن الحظ، فمازال بإمكاني أن أطلع القارئ نوعًا ما على خبايا وتعقيدات [تأثير البلاسيبو]. فحين تتداخل عدة ظواهر -أفكارنا، هرموناتنا، والأدوية- يتحول الأمر للفوضوية بشكل سريع للغاية. حتى مع الأمور التي تبدو مباشرة كالمواد الأفيونية باطنية النمو (Endogenous opioids)، كالأندورين، حين تنظر للعوامل المخففة، وكيف تتفاعل المواد الأفيونية مع الدوبامين، حيث تبطل كل واحدة تأثير الأخرى، نجد الأمر قد تعقد. جدير بالذكر أن تلك أسهل المسارات التي وجدناها.

تُقاس فعالية جميع المستحضرات الصيدلانية بمقارنتها بالعلاج الوهمي (عن طريق البلاسيبو). هل علينا أن نصلح ذلك؟

طبعًا، فعلى المستوى النظري، تود الشركات الصيدلانية أن تزيل استجابة البلاسيبو تمامًا. فذلك سيجعل الأدوية أرخص وأسهل في صناعتها. إلا أنه في الحقيقة لا يعرف أحد ماذا سيحدث دون وجود استجابة بلاسيبو. فإذا كان معدل الاستجابة متساويًا بين مجموعة الدواء ومجموعة البلاسيبو أثناء اختبارات الدواء، 30% على سبيل المثال، فذلك لن يغير من الناتج. فكلا الطرفين سيكونان أضعف بنسبة 30%. إلا أن الأدلة المبكرة تقترح بأن هذا ليس هو الحال – فهناك العديد من التفاعلات بين الكيميائيات الداخلية، التي تُطلَق بتوقع العلاج وأيضًا عن طريق الدواء نفسه. والطريق الوحيد للتأكد هو من خلال الفحص المتعمق لطبيعة الإيمان الكيميائية.

رغم وجود بعض الشك حول قوة البلاسيبو، ما هي قابلية التنبؤ بتأثيره؟ فهل يمكن لحبة من السكر أن تعمل مثلها مثل العلاج؟

نعم، بطبيعة الحال. لذلك يقر 70% من الأطباء بأنهم يصفون لمرضاهم، من حين لأخر، علاجات، ليست بلاسيبو بالضرورة، ولكنها تكون نفسية أكثر منها فسيولوجية. إلا أنني أظن أن السؤال قد أغفل أمرًا هامًا. فالدرس الذي نتعلمه من ذلك البحث ليس إن كان على الأطباء أن يصفوا لنا علاجات وهمية أم لا – فهم يفعلونه بالفعل – ولا إن كان على المرضى أخذها – فنحن نقوم بذلك بالفعل – ولكن الدرس هو إضافة علاجات البلاسيبو للعلاجات التي ثبت صحتها، واستعمالها بشكل مسؤول. فإضافتها للعلاجات المثبت صحتها يعني بأن الأطباء يفهمون قوة استجابة البلاسيبو في المساعدة على العلاج من الألم والاكتئاب والأمراض الأخرى. واستخدامها بشكل مسؤول يعني بأن المرضى يفهمون القيود الكبيرة حول استغلالها في علاج أمراض تهدد حياة الفرد.

هل يمكن للمرضى أن يظفروا بقوة تأثير البلاسيبو ويستعملوها متى أرادوا؟

أجد أن تلك القوة تكمن في السرد القصصي، وكذلك في التجربة الحسية. فيجب عليك أن تفكر بنفسك. نجد بعض الناس منخرطين في صوفية قديمة، وهو أمر له صدى كبير. فلا أرى أن هناك أي خطأ في الاعتراف لنفسك بأن شيئًا ما قد يكون بلاسيبو، إلا أنك ستستعمله في كل الأحوال.

ليس هناك نقص في قوة البلاسيبو إذا ما اتبعت قواعدي. لا تخرج للبحث عن مقلة عيون الحوت بالمِنك، أو علاجات تُستغل فيها حيوانات مهددة بالانقراض[4]. فعلاج الأورام ليس عن طريق البلاسيبو، فهي لا تستجيب لكيميائيات البلاسيبو الباطنية. ولكن يمكن تجربة ذلك مع الآلام المزمنة. فقد تحدثت مع أحد الأطباء الرواد في البلاد، وقال لي بأنه سعيد بأنه يستطيع مساعدة 40% من مرضاه [بوصفات طبية لعلاج الألم]. ففي الأغلب يقول للناس بأن يذهبوا للكنيسة، إذا لم يكونوا يذهبون. لا للتقرب من الإله، ولكن للإحساس بأن الأمور ستسير على ما يرام وينالوا الهدوء النفسي.

هل معرفة المزيد عن تأثير البلاسيبو يقلل من أثره؟ وهل قلل من أثره عليك؟

على المستوى الشخصي، لست بمستجيب جيد للبلاسيبو، خاصةً الآن. إلا أنني أظن أنه ليس بمشكلة قراءة ذلك الكتابة والحفاظ على استجابة صحية للبلاسيبو. إلا أنني لا أعلم إذا كان يمكن تأليف كتاب عنه والحفاظ على استجابة صحية. قد تكون استجابتي قد تردت قليلًا، إلا أنني متأكد من أنها ستعود لعافيتها.

المصدر للمقال : منقول عن


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *